جذور الصراعات الحالية - في عمق التاريخ

لماذا أنشأت الإمبراطورية البريطانية السعودية وإسرائيل؟ .. جذور الصراعات الحالية - في عمق التاريخ

  • لماذا أنشأت الإمبراطورية البريطانية السعودية وإسرائيل؟ .. جذور الصراعات الحالية - في عمق التاريخ

اخرى قبل 5 سنة

لماذا أنشأت الإمبراطورية البريطانية السعودية وإسرائيل؟ .. جذور الصراعات الحالية - في عمق التاريخ

السعودية

يحلل الكاتب في هذه المقالة الأحداث التاريخية باعتبار أن الغرب يتمثل في شخص الإمبراطورية البريطانية التي قسمت المسلمين العثمانيين والعرب ووضعهم بمواجهة بعضهم (ضد بعضهم البعض) - مع العلم أن العرب منفصلون بالأساس - وذلك من أجل إنشاء نظام ملائم لمصالح الإمبراطورية البريطانية في الشرق الإسلامي. بالمناسبة، تتكرر اليوم القصة نفسها في العالم الإسلامي.

إن وجود تحالف سري بين المملكة العربية السعودية والصهاينة في إسرائيل لن يفاجأ أي باحث في مجال الإمبريالية البريطانية، المشكلة هي أنه لا يوجد العديد من الناس الذين يدرسون الإمبريالية البريطانية.

إذا كنت تريد أن تدرس و تتعمق في كيفية قدرة الإمبراطورية البريطانية على شن الحرب ضد البشرية في غضون 400 عام فأنت على الاغلب ستكون وحيدا في هذه الأبحاث. ومن الضروري الاعتراف بأن الإمبراطورية البريطانية تعتبر هذا الصمت وعدم القدرة في البحث عن ماضيها هو إنجازها المتميز.

قام السعوديون في ستينيات القرن الماضي بتمويل حملة عسكرية أطلقها البريطانيون ضد الجمهوريين في اليمن الشمالي الذين أطاحوا بنظام الإمام (الإمام يحيى حميد الدين المتوكل). وفي الوقت الذي دعمت فيه القوات المسلحة للرئيس المصري جمال عبد الناصر الجمهوريين كان السعوديون يحرضون المسلحين المدعومين بريطانيا ويمولون بقايا مؤيدي الإمام. وعلاوة على ذلك، نظم البريطانيون 14 رحلة من سلاح الجو الإسرائيلي لتسليم السلاح إلى المرتزقة البريطانيين. وهكذا استطاعت بريطانيا في ستينيات القرن الماضي (دون أن تكلف نفسها أي عناء) أن تحشد السعوديين والصهاينة ضد عدو مشترك لهم في شمال اليمن.

ومع ذلك فمن الضروري العودة وبالتفصيل إلى عشرينيات القرن الماضي للتعرف على جذور هذا التحالف السري وغير الرسمي . فبعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى على شبه الجزيرة العربية كان هناك 3 ولايات منفصلة في تلك المنطقة: الحجاز في الغرب تحت سلطة الشريف حسين بن علي، وحائل في الشمال تحت سلطة ابن رشيد، ونجد في الشرق تحت سلطة الأمير بن سعود الذي اعتنق أيديولوجية التيار الوهابي.

دخل ابن سعود الحرب في كانون الثاني/ يناير عام 1915 إلى جانب بريطانيا، ولكن سرعان ما كسر هذا التحالف إذ أن بريطانيا لم تكن بحاجة لابن سعود. بالمقابل قام الشريف حسين بتعزيز هزيمة الإمبراطورية العثمانية، بعد أن قاد ما يسمى ب "الثورة العربية" في حزيران/ يونيو عام 1916. حيث تم إقناعه بمعارضة الإمبراطورية العثمانية من قبل المفوض السامي البريطاني هنري ماكماهون الذي كان متواجداً في مصر عندما وعده بإنشاء دولة عربية من غزة إلى الخليج العربي بعد هزيمة الأتراك.

وعندما انتهت الحرب، طلب الشريف حسين من بريطانيا أن تفي بوعودها. وبالمقابل طلبت بريطانيا بدورها من الشريف حسين الاعتراف بالواقع الجديد - تقسيم الجزيرة العربية بين بريطانيا وفرنسا (بموجب اتفاقية سايكس بيكو) والبدء بتنفيذ وعد بلفور الذي يضمن إنشاء "الدولة اليهودية في فلسطين" من خلال التسوية التي قام بها اليهود الأوروبيون.

وقد تم ذكر هذا الواقع الجديد في الاتفاق الإنكليزي-الحجازي الذي كتبه البريطانيون والذي أغضب الشريف حسين ورفض التوقيع عليه. وقد جعلهم الشريف حسين يفهمون بأنه لن يسلم فلسطين بموجب وعد بلفور ولا يعترف أبدا بإنشاء الدولة الصهيونية في فلسطين أو تقسيم الجزيرة العربية من قبل البريطانيين والفرنسيين.

بعد مؤتمر القاهرة في آذار/ مارس عام 1921 حيث التقى رئيس الوزراء البريطاني الجديد ونستون تشرشل جميع العملاء البريطانيين في الشرق الأوسط قام توماس إدوارد لورانس بتوجيه رسالة إلى الشريف حسين فحواها أنه على الشريف حسين أن يعترف بالمشروع الصهيوني في فلسطين سواء بالمساومة أو بالتهديد أو بالإجبار. إلا أن الشريف حسين رفض تقديم أي حل توفيقي ورفض تسليم فلسطين إلى الصهيونية البريطانية. وعندما فشلت المساومات مع الشريف حسين، هدد لورانس بتوسع ابن سعود. لكن ابن رشيد رفض جميع عروض الإمبراطورية البريطانية التي وصلت إليه عن طريق ابن سعود ورفض أن يصبح الدمية التالية لبريطانيا.

ومن الضروري أن نعلم أن وعد بلفور كان يحتوي على نقطة لم تمنح أي اهتمام وهي - نية بريطانيا في استخدام أفضل الجهود لإنشاء دولة اليهود القومية -. ومن الواضح أن العديد من الدول الحديثة تنشأ بجهود بريطانيا، ولكن المملكة العربية السعودية تم تقسيمها بحيث أن حدودها الشمالية والشمالية الشرقية قد رسمت لتسهيل خلق دولة إسرائيل. وقد وقعت دولتان عربيتان - حائل والحجاز - ضحايا للوهابيين بسبب عدم استعداد قادتهم لتسهيل مشكلة بريطانيا التي تتمثل بإنشاء مشروع الصهيونية في فلسطين.

وبذلك، يصبح من الواضح أن التطلع البريطاني لوضع الكيان الصهيوني في فلسطين أصبح جزءا من «الحمض النووي الجغرافي» للمملكة العربية السعودية الحديثة. هناك أمر يدعو للسخرية المريره وهي أن اثنين من الأضرحة في العالم الإسلامي ظهرت تحت ولاية العقيدة السعودية و الأيديولوجية الوهابية وذلك لأن بريطانيا وضعت الأساس الصهيوني في فلسطين منذ عشرينيات القرن الماضي. ولا عجب بأن إسرائيل والمملكة العربية السعودية تقومان بتدخلات عسكرية بواسطة قوات "المتمردين المعتدلين" - أي الجهاديين - في سوريا، وهي الدولة التي كانت دائما وأبداً وبشكل واضح أو ضمني ضد الاستعمار الصهيوني لفلسطين.

في ظل الظروف الحالية التي تشكل فيها الولايات المتحدة الأمريكية خلفاً للإمبراطورية البريطانية في تقديم وتعزيز مصالح الغرب في الشرق الأوسط، و تمهد لإمكانية توسيع التدخل العسكري في الشرق الأوسط أكثر فأكثر، يصبح من المحتوم أن إسرائيل والسعودية - وهما الدولتان اللتان تم إنشاؤهما بواسطة وعد بلفور- ستقومان بتعزيز اتحادهما علناً من أجل حماية المصالح المشتركة

.الكاتب نعمان عبد الواحد

 

 

التعليقات على خبر: لماذا أنشأت الإمبراطورية البريطانية السعودية وإسرائيل؟ .. جذور الصراعات الحالية - في عمق التاريخ

حمل التطبيق الأن